الأكثر زيارة

الأحد، 10 يوليو 2011

في كل وجه إيطالي توجد إمرأة أعرفها

كتبت لكم هذه الأسطر وأنا أنقل قدمي من روما المدهشة، إلى صقلية حيث البحر والسماء ومتحف التاريخ المفتوح على مصراعيه.

وبينما ينهمك الأصدقاء والسواح في التقاط صورهم والتفتيش عن النصب التذكارية وقراءة قصص تاريخ كل شارع، وحكاية كل مبنى قديم، كنت أنا أبحث عن وجعي المهاجر خلف القارات، وأدقق النظر في كل وجه كل فتاة إيطالية قابلتها، قائلاً بدون شفتين " هل أنتي حبيبتي؟" .

 لكن الإجابة بعيدة بعيدة جداً،  ولا ترى بالعين المجردة من العشب، ولعنة الحقول.

 أعيد النظر مرة إثر أخرى وأحدق علني أجد فتاة استطاعت أن تغير خريطة شراييني واحدا واحداً، في ساعة واحدة، لكنني لا أجد إلا حفيف الناي في الفراغ، وصمت الشبابيك القديمة.

وأصرخ تحت مطر مصاب ببحة الخريف : "أين سندريلاي؟" .. أمضي سائلاً متسائلاً فلا أجد المجيب، بل الهدوء الذي يسبق الهدوء، الذي يعقبه الهدوء، ولا حيلة للعاشق إلا ما احتاله القدر.

ذاكرة نسائي الجميلات

1
... وأما هند ُ
فكانت أول زائرة تطرقُ باب القلبْ
من طرقتها ذات مساءٍ في قلبي
نبتت أزهارٌ ، وازدادت ثورات العشبْ.

2
أمّا فاطمةْ
فحزنها كان أكبر مني
وجُرحها كان أكبر مني
ونظرتها قاتمةْ.

مدمنة  على التهام أظافرها
تحدق نحو زجاج النوافذ
حتى يداعبها شعرُ ذقني
فيشعل ثورتها العارمة.

من يغني في هذا الليل ؟

فيما كان هذا الليل الصقلي يرخي سدوله على البحر، كان القمر مستديراً واضح اللمعان، يضفي رونقه الباهر على اليخوت المصطفة بأناقة مثل أسنان لورد لا يزال يسكن في مخيلته قصة العرق الأزرق ونخبة النخبة.

وفيما كان ذلك قررت أن أكتب، معتمداً على أصابعي، وموسيقى موتسارت، تدوي في سقف الغرفة، حتى يكاد أن يلتصق بقاعها بحثا عن الأمان والحب.

 وحين كتبت وسط كل هذا الفردوس المؤقت، وفي خلوة من الليل الذي يُرى ولا يرى .. رقص البحر، وابتسم القمر، وأحاطتني اليخوت، وغنى مجلس اللوردات بكامله على سطح قلبي.

أميرة الورد

عندما جاءت أميرةُ الورد بدت وكأنها منحةٌ إلهية . قالوا أنها الأنثى التي لا حدود لها .
ذات قُزحٍ عندما لوحت  جدائلها للريح ، انسابت النسائم في عود القصب. بكى وانتحب.
فخلقنا منه ناياً ، 
بكى مثل ناي . وبات قلبي سنبلة محطمة .
***
يطرقُ المطرُ قلبك المفعمُ بالجفاف . تأتي أميرةُ الوردِ الهاربةُ من حقلٍ في الشمال إليك . كثيرون لا يعرفون سبب مجيئها ولكنك بالتأكيد تعرف . وجودها بالنسبة لك يمثل امتدادا لرحلتك الباهرة . هي شئٌ جديدة تهديه إليك الينابيعُ والفراشات:
-       " القبلةُ روح القلب" .

الحنين اللعين .. الحنين اللعين

أحن إلى تلك الطاولة المدرسية، المصنوعة من الخشب الناعم
ظاهُرها العاج البنيُّ وباطنها الحديد
كم من الذكريات نحتنا بأظافرنا المهشمة
وكم من الأحلام نسجنا
وكم من الدقائق اختطفنا حين داهمنا الأرق
ولا تشابه لذة الإغفاء عليها
إلا لذة النوم في حضن أم
أو الهزيمة في معركة تاريخية.

               
            استفهام ؟

يا إله السماوات والينابيع والطيور المغرّدة. يا خالق الوجع اليومي، وسعال الحزن المستديم : كيف يمكن أن أطوي أصابعي، وأضم قبضتي، لأسددها في وجه أول غريب يدلف إلى حقولي، وقصائدي، ومستعمرات الحب والحنان، التي بددت عشرين ربيعاً من عمري، كي أحافظ عليها وأرعاها إلى الأبد ؟

          قطار عاشقة
الضوء يخترق النوافذ المجزأة
مثل جسد خارج لتوّه من معركة بالبلطات
وأسواط الجياد الهزيلة.

أيهذا الجسد الغض
كنتَ فكرة ً في مخيلتي .. فجسدتك
كنت صوتاً مصاباً ببحة الأزهار، والكروم البعيدة
فجعلتك من أكثر الأصوات إثارة في التاريخ
...
- هل ستبخل علي حبالك الصوتية بالنداء الأخير
قبل أن يرحل وجهك الحبيب، ملتحما على زجاج نافذة قطار مغادر؟

 بحر في المقهى أو مقهى في البحر

في طاولة المقهى الموجود هناك
تفتش عن صوت لا تعرفه
عن امرأة لم تعشقها بعدُ
عن ذكرى لم تتذكرها
عن نسيان لم تنسه
تفتش عن أشياءٍ لا حصر لها
عن خيط قميصك
عن ضوء سمائك
عن دمع لياليك الكبرى.

ليلى ابنة عمدة صقلية

يستحق السيد أورلاندو أن يكون قيس القرن الحادي والعشرين الذي سيجدد عشق العرب، وحب العرب، وغزل العرب.
أما لماذا  ... فالإجابة أسهل بكثير مما نظن، فأمه أسمها ليلى، وجدته أسمها ليلى، وأبنته أسمها ليلى، ولذلك فإنه يقول مفاخراً بأنه يملك كل هذا البنك الضخم من الحب والحنان، دون أن يكون له فيه شركاء سوى قلة لا تكاد تعد.
وحين يبدأ البيانو في عزف أغنية قديمة بصوت عربي عن "ليلى"، يلتقط هاتفه بفرح طفولي باحثاً عن ليلاه الصغيرة ليسمعها صوتاً عربياً، وعزفاً عربياً، آتيان من صحراء بعيدة في شبه جزيرة، لا تشبه الجزيرة التي ولدت فيها.
للأسف ليلى نائمة، لكنها يوقظها، ويضع مكبر هاتفه المحمول لتسمع الأغنية.

ومع الوقت فجأة نسي الرجل جميع إنجازاته في محاربة المافيا لأكثر من أثني عشر عاماً، في معقل الجريمة جزيرة صقلية، وتحول لأب يختصر الدنيا كلها في 6 دقائق من حب لا مثيل له، ليهدي طفلته هذه الهدية غير المتوقعة.

وبعد ذلك يغادر ويتركنا في حيرة نتسائل " كيف ستعانقه ليلى الجميلة؟".

هنا أنحنى "آل باتشينو" .. وأنتحب !!

هذه هي الأوبرا التي صور على درجها الجزء الأخير من فيلم "العرّاب" الذي يحكي قصة المافيا ودورها في جزيرة صقلية.

وأمام مبناها الضخم، حيث تمتلئ الساحة الأنيقة بسيارات الفيراري المعروضة، وفوج السياح الآتين، ورجال الشرطة، كان الممثل الأسطوري "آل باتشينو" خارجاً برفقة عائلته بعد أن حضر حفلا موسيقياً لأبنه، يسير بكل ثقة على المدرج المبني من الطوب والرخام، والفرح لا يكاد يبقيه على الأرض.

ومع الحديث والبسمات يدوي الرصاص ويفقد "ليلاه" وصغيرته التي كانت بمثابة قمره الحبيب الذي كان يحمله أينما رحل ..

أراه حينها لا يزال أمام ناظري في فيلمه الأسطورة: ينتحب
 ينتحب
ينتحب.

وبعدها لبست مريم العذراء شال حزنها الأسود حداداً !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق