الأكثر زيارة

الأحد، 10 يوليو 2011

بندر بن سلطان : "موسم الهجرة إلى الشرق" !

من بين أكثر من عشرين وزيراً، والعشرات الآخرين من المسئولين، والآلاف من الأمراء في الأسرة الحاكمة، فإن الأمير بندر بن سلطان، الأمين العام لمجلس الأمن الوطني في السعودية، يعتبر حالة فريدة من نوعها لعدة أسباب ليس أهمها أنه أصلب من يرفض من حيث المبدأ والتفصيل أن يصطحب معه أي وفد صحافي خلال زياراته الرسمية.


ولهذا السبب لم يُعرف حتى الآن كم مرة زار موسكو خلال الأشهر الستة الفائتة إذ تقول المصادر الرسمية أنها أربع مرات، ومصادر أخرى سمعت ما سمعته من خلال الأحاديث حول المآدب الرسمية العليا بين كل من الرياض وجدة أنها تزيد عن الست عددا في إطار رغبة بلاده تنويع تحالفاتها السياسية مع الشرق.

وفي خطاب سابق أُرسل إلى وزير الإعلام، فقد أعلن المسئول السعودي الكبير الذي لم يكن حينها قد أكمل أشهره الأولى في منصبه، أعلن صراحة أنه يرفض اصطحاب أي وفد صحافي معه من الأساس، ليجعل الصحافيين يتلقطون أخبار هذا الأمير المهم صانع الصفحات الأولى من خلال وكالات الأنباء أو التنصت من خلال أفراد دائرته اللصيقة.

ودائرته اللصيقة محكمة الإغلاق حتى كأنها خلقت من دون ألسنة. إلا أن ذلك ليس صعباً فعندما يحتاج الأمير الإعلام فإنه يستخدمه خير استخدام كما فعل قبيل حرب الخليج الثانية حين سرب معلومات مهمة لصحيفة التايمز اللندنية العريقة، التي كان صداها يرن من "فليت ستريت" إلى أنحاء العالم، وذلك بغية قطع طريق العودة بوش الأول و ضمان المشاركة الأميركية في التحالف الدولي لتحرير الكويت.

وكان لافتاً لمراقبين سياسيين أنباء صفقة التسلح التي كلف العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أبن أخاه بندر لتوقيعها مع الروس عبر حزمة من المليارات الخضراء، في مرة هي الأولى من نوعها التي يظهر فيها بشكل مباشر في أعمال توقيع صفقة تسلح كونه أعتاد دائماً على العمل خلف الكواليس.
كما أن المشهد الأكثر إثارة الآتي من موسكو خلال لقاء بوتين بندر كان تطابق الآراء بشكل غير متوقع ابتداء من تفهم الرياض للتدخل العسكري الروسي على أطراف جورجيا، في مرة هي الأولى من نوعها بهذا الشكل الصريح، وصولاً إلى البذلتين الأنيقتين اللتين ارتدياها طوال جلسة المباحثات التي جاوزت الساعة.

وتشهد العلاقات بين البلدين تحسناً مطرداً في ظل رغبة الملك عبد الله تنويع مروحة التحالفات السياسية مع الشرق بعد أن أكثر من نصف قرن ظلت الرياض فيها ميالة إلى تحالف أوثق مع الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.

وقبل زيارته إلى موسكو كان الأمير بندر في بكين لإجراء مباحثات مع الساسة الصينيين لم يكشف عن تفاصيلها بشكل رسمي حتى هذه اللحظة.

وما يثير العجب أن الأمير بندر الذي أصبحت طائرته لا تقلع إلا إلى الشرق، هو الرجل ذاته الذي قضى أكثر من عشرين عاماً سفيراً لبلاده في واشنطن لدرجة أن حساده ومبغضيه كانوا يصفونه بأنه "سفير أميركا في السعودية" في إشارة إلى براعته ومدى نفوذه في عاصمة العواصم التي لا تغيب عن دباباتها الشمس في طول الكرة الكونية وعرضها.

وكان الروس هم الأكثر حماساً لتوسيع دائرة التعاون مع الرياض إذ أخذوا يلحون أكثر من عام ونصف العام بغية تعيين سفير آخر يكون من أفراد الأٍسرة الحاكمة أو أحد السفراء السوبر من الذين يحملون أو يُحملّون رتبة وزير، إلا أنهم اقتنعوا بعد مضي هذه الفترة وقبلوا تعيين محمد حسن عبد الولي سفيرا في بلادهم بعد أن كان قائماً بالأعمال.

وبينما يعود بندر بن سلطان إلى جدة، العاصمة الثانية لبلاده، على ساحل البحر الأحمر، بعد أن أنهى زيارته الروسية التي تعتبر حلقة في إطار سلسلة طويلة تحتاج إلى الوقت والعمل المكثف، فإنه سيجد في انتظاره أصداء أخبارٍ مثيرة للتندر يبثها خصومه بعد أن قطع شوطاً كبيراً في تقليم أظفار النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.

ومن باب التفكه يتداول مراقبون الأنباء الصحافية التي زعمت تحضير الأمير بندر لانقلاب عسكري في الرياض مما تسبب في محاكمة أكثر من 150 ضابطا واستنفار كبير في جهاز الحرس الوطني حسبما ذكره موقع "فيلكا" الذي تحاول جهات مقربة من جهاز الاستخبارات السورية ترويجه على أنه موقع "إسرائيلي مستقل".

والصحيح أنه موقع مشترك يتعاون على إدارته أفراد مقربون من سوريا وحزب الله دأبوا على الترويج له على أنه موقع إخباري إسرائيلي بغية إضفاء مصداقية أكبر على أخباره التي يبثها.

وتعاونت معهم في حملة التسويق هذه قناة المنار التي أخذت الترويج لهذا "الموقع الإلكتروني الإسرائيلي" على حد وصفها له حتى سرى مثل العدوى في كافة الصحف العربية.

ويبدو أن أصابع الأمير الدولي، الذي يوصف بأنه "تمساح الانتصارات السعودية"، قد بدأت تطبق فعلياً على رقاب الخصوم لدرجة جعلتهم ينقلون الملعب إلى الفضاء الإلكتروني حيث لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق