الأكثر زيارة

الخميس، 14 يوليو 2011

"نجران" السعودية تعلمت كيف تنطق كلمة "نصر" بأربع لغات !

في هذا الطرف المُغبّر من جنوب السعودية، تتجلى لك قصة نجاح الحكومة المحلية في مواجهة قوى الإرهاب، والتسلل، وكل ما قد يهدد السلم الوطني، في أوضح صورها، على الرغم من أن عملية ضبط الحدود البرية لهذه الدولة العظمى، في شبه الجزيرة العربية، تعد نوعاً من الأحلام المستحيلة.


ومنذ عدة أشهر كان أسم منطقة نجران على كل لسان وصحيفة، بعد أن حاولت فرقة صغيرة من المتمردين الحوثيين، الذين تطلق عليهم السلطان الرسمية في المملكة وصف "متسللين"، فتح جبهة جديدة في هذه المنطقة، التي لا يفصل بينها وبين اليمن سوى جبل، وبضعة نقاط تفتيش، وروابط قبلية متشابكة.

إلا أن القوات السعودية أغلقت الجبهة بعنف.

إذاً هل تكون نجران المثل الذي يتوجب على المناطق الأخرى في المملكة أن تنظر إليه بعين الاهتمام؟. الإجابة نعم ولا في نفس الوقت. "نعم"، لأن هذه المدينة ضربت مثالاً للتسامح والولاء، بين أطراف الطائفة الإسماعيلية، والحكومة، رغم حملات التحريض المتبادلة، و"لا"، لأنه لا زال من المبكر الحكم على تجربة نجران في هذا الصدد.

ويحظى الإسماعيليون بوضع فريد في المنطقة منذ تأسيس الدولة السعودية، إذ هم أحرار في ممارسة شعائرهم الدينية، والتي لا تختلف كثيراً عن سنة المنطقة، وذلك تحت مظلة الدولة، ويشاركون في حماية الحدود بالتعاون مع أبناء القبائل على الضفتين، سواء اليمنية، أو السعودية.

وتمتد حبال القبيلة، وحبائلها، بين البلدين، لدرجة أنه يمكن مشاهدة عائلة واحدة بجوازي سفر مختلفين. ويقول مصدر وثيق الإطلاع إن اتفاقات تجري بين القبائل، حتى داخل حدود اليمن، بمراقبة الحدود من أي متسلل، إذ تنشط قبيلتي "يام" و "وائلة" في المراقبة اللصيقة للداخلين والعابرين.

ويقول مراقبون، سبق لهم مراقبة جنوب البلاد بدقة خلال السنوات الفائتة، أن "نجران" نجحت في ما فشلت فيه "جازان" حدودياً، إذ بينما ضبطت الأولى حدودها بتعاون أمني قبلي، فإن الثانية كانت تدير حدوداً غارقة في الفوضى والإهمال.

ويقول مراقب مطلع، وثيق الصلة والاتصالات، إن ما كان يحدث في "جازان" لا يمكن وصفه بأقل من أنه "إهمال غريب غير مسئول". يضيف متجنباً ذكر أسمه بسبب حساسية موقعه: " كان المشاة يذهبون إلى اليمن ويعودون إلى السعودية دون أن يتوقف لهم أحد ويسألهم بتفحص ... تخيل حتى أن الماشية كانت تعبر محملة أحياناً بالأسلحة دون أن يكتشفها أحد".

وعلى مدار أشهر عدة نجحت خلايا القاعدة، والجهات الأخرى في أن تجد لها موطئ قدم في الجنوب من شبه الجزيرة العربية، التي تعتبر خطراً يتهدد العالم بأسره؛ فمنها جاء عدد من مفجري سبتمبر، والانتحاري الذي حاول اغتيال الأمير محمد بن نايف، وأخيرهم، وليس آخرهم، الشاب الذي أراد أن يفجر طائرة "ديترويت" الأميركية.

وهذا هو تحدي السعوديين الأصعب في الأشهر المقبلة.

وعلى الرغم من أن الجنوب السعودي الفقير، والمهمل مثل شماله، قد غاب عن خارطة التنمية لسنوات طويلة، قاربت العقدين عددا، فإن هذه المنطقة تعتبر مثالاً على الإصلاح الذي يقوم به الملك عبد الله حديثاً في بلاده، إذ تحولت مؤخراً إلى ورشة مشروعات متحركة، وأحيت أمل شبانها في مستقبل واعد.

وحين يتحول مطار نجران إلى مطار دولي، ولو جزئياً على الأقل، فإنها يمكن أن تتحول إلى منطقة محورية لمراقبة جنوب الجزيرة العربية، وشرق أفريقيا، حيث للسعوديين مصالح، واتصالات، وأعداء يتفرّسون في الحدود الطويلة والمستقرة، بغية النفاذ إليها. وبالتالي يتحتم إنشاء وحدة تابعة إما لجهاز "الاستخبارات" أو "الأمن الوطني"، تتخصص في جمع المعلومات، والقيام باتصالات تنسيق مع رجالات القبائل، والسكان، لتجنب المفاجآت مستقبلاً، حسب ما يقوله مراقبون.

وعكس تعيين الملك لأبنه الشاب، الأمير مشعل، في هذه المنطقة، إيمان بأهميتها. وما يعرفه الأمير الشاب، الذي جاء ملماً بعلوم من الشرق والغرب، أنها تحتاج إلى الاهتمام الاقتصادي أكثر من أي شيء آخر.  

في يوم من أيام شهر نوفمبر من العام الفائت الفائت ذُكر أسم نجران أكثر من أثنين وثلاثين مرة في نشرات تلفزيونية وصحف يومية، الأمر الذي أبرز أهميتها بالنسبة للمملكة، ولأمنها الوطني، بعد أن كان ظهورها الوحيد هو حين يمر أسمها سريعاً في نشرة الأحوال الجوية، التي غالباً ما تغالط في أرقام درجات الحرارة الصغرى والكبرى.

إلا أن المعلوم أنها الآن على قائمة نشرة الأحوال السياسية، تعتبر صاحبة درجة حرارة قصوى، بسخونة مرشحة للالتهاب من الآن فصاعداً، في وقت بدأت تحظى فيه المنطقة باهتمام، محلي، وإقليمي، ودولي، واسع، عكستها زيارة القنصل الأميركي لها عدة مرات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق