الأكثر زيارة

الأحد، 10 يوليو 2011

أمرأة ترتب فوضاي الخلاقة !

لا ألتزم بأوقات استيقاظ محددة منذ سنوات طويلة، إذ إنني أصحو أحياناً قبل بزوغ الفجر، وأحياناً بعد أن ترتفع الشمس قيد رمح، لكنني ملتزم بجدولي الذي يعقب الصحو في كلتا الحالتين : أقرأ الصحف بنهم فور استيقاظي لدرجة أنني أقرأ أكثر من 12 صحيفة ورقية، وأضعاف هذا الرقم من صحف الإنترنت، ووكالات الأنباء العالمية، يومياً، إضافة إلى أنني أقرأ صفحات متفرقة من كتب أضعها على الأرض جواري، وكل ذلك يتم أوتوماتيكياً في إطار "فوضاي المنظمة" التي ألتزم بها دونما انقطاع.

في الغرفة، التي تؤويني، تتحول الحالة إلى ما يشبه المدن التي يخرج الغزاة منها بعد غارة جوية أو أرضية .. أحب دوما أن أحتفظ بجوار سريري أعداداً من الكتب أقرأ أجزاءً منها كل يوم، لذلك فإن أرضية الغرفة تتحول تلقائياً إلى جزء من المكتبة، لا يختلف فيها سوى أنها تصبح رفاً أرضياً ذا لون متحد.

أما على يميني فيكون دفتري الأزرق الصغير الذي ألتقط به الأفكار الليلية من رعشات الحب والألم والربيع المقيم والعابر، وجواره تتناثر الأوراق التي أدون عليها ملاحظاتي، مع العلب الفارغة من البيرة الخالية من الكحول.

ومع كل تلك الفوضى التي أعيش فيها منذ سنوات طوال – في ظل رضاي الطبيعي وأمني الداخلي -  فإنه لم يسبق لي أن تهت عن كتاب كنت أريده، أو أضعت قلماً مهما صغر حجمه، أو فقدت أحد أقراص الموسيقى التي أحتفظ بها بأمان، أو الكتب الإنجليزية المنطوقة التي أبتاعها من المكتبة اللندنية "ووتر ستون"، وهي مكتبة عريقة استنشقت حقولها بعد نصيحة من الصديق الكبير عثمان العمير ذات صيف دراماتيكي.

ونتيجة لكل ذلك فإنني قد أعتبر نفسي وحالتي تلك تجسيداً حياً لمصطلح "الفوضى الخلاقة" الذي أطلقته الوزيرة الأميركية كوندي، ولم يستطع أحد ٌ من المنظرين العرب أن يطلعوا عليه أو يغوصوا في تفاصيله، أو يشاهدوا نماذج تجريبية عليه ..
أولعلي تحولت إلى "إنسان تجارب" في هذا العصر ..

أما متى أشعر بأنني فعلاً أعيش في فوضى غير خلاقة؟ أو أنني فعلا أعيش في عبث لا منطقي؟ .. هو ذلك اليوم الذي أجد فيها أن أحداً من الجهاز العائلي المصون قد أجتهد ودخل إلى الخطوط الخلفية الخاصة بي، وأستمر في عملية تنظيف الغرفة ورمي الأوراق الموجودة على الأرض، بحجة أنه يعتقد أنها ليست بذات أهمية !!

وفي كل ورقة صغيرة تبدأ الاجتهادات والمناقشات: "أوه هذه ورقة بخط متعرج تبدو قديمة ..إلى القمامة"، "هذا الدفتر قديم ..إلى القمامة"، "أوه هذه الأقراص يبدو قديمة إلى القمامة" .. وهكذا دواليك يصير مؤتمر إعدام الغرفة ..

ومع ذلك فإنهم يستقبلونك بابتسامة غامرة وهم يظنون أنهم قدموا لك خدمة العمر "هيييه سربرايز .. نظفناها" واللهم لا اعتراض، ولا راد لقضائك ..

أعاذنا الله وإياكم من الأوصياء .. وأرجو قراءة الفاتحة على ما قتل من القصائد الجميلة، والدفاتر الصغيرة، وموسيقى الحب السماوية !

هناك 3 تعليقات:

  1. أما زالت فوضاك كما هيّ...؟!

    ردحذف
  2. ههههه جميل ان الفوضى لها لها نتائج جميلة ..الى الأمام

    ردحذف