الأكثر زيارة

الأحد، 10 يوليو 2011

شيوخ آل الصباح الجدد يخشون من "هولوكست" مجلس الأمة

يمكن أن توصف أمارة الكويت بأنها حالة غريبة في منطقة الخليج العربي التي تتمتع بهدوء سياسي فائق يصل إلى حد الركود؛ فهذا البلد الديمقراطي الصغير على ركبة الخليج تحول مع الوقت إلى محرقة ديمقراطية مستمرة لكوادر وزارية نشطة، الأمر الذي أثار حفيظة دول الجوار من الإقدام على تجربة حرة مشابهة.
وبينما هنالك تيارات معينة لديها مآخذ على هذا الهياج البرلماني فإن كثيرين لن يتمكنوا من العمل إن خلت الساحة الكويتية من مثل هذه الأزمات، وأولهم الصحافيون الذين يمكن أن يوصفوا بالندابات الذين لن يجدوا عملاً لو توقفت فكرة الموت، أو توقف صداع البرلمان، مما جعل من مكائن الحبر المطبوع سريعة الدوران يومياً.

وتحول هذا البرلمان إلى مذبحة علنية لأي سياسي كويتي يفكر في دخول العمل السياسي وخصوصاً من أفراد الجيل الجديد من الأسرة الكويتية الحاكمة التي تحوي بعض النجوم الجديد "لكنهم يخشون أن يحترقوا في مطبخ البرلمان" على حد ما سمعته "إيلاف" من الإعلامي المعروف ماضي الخميس.

ويقدر عدد أفراد هذه الأسرة الحاكمة بنحو ألف ومئتين شيخاً يحصلون على رواتب شهرية ليست مرتفعة قياساً بأسر خليجية أخرى، بينما يحصل كل منهم على قطعة أرض فوار زواجه هي عبارة عن هدية من قبل أمير البلاد الشيخ صباح الصباح الذي يدفعها من مخصصاته الخاصة.

وحسب ما قاله مقرب من دوائر صنع القرار الكويتي فقد تم رفع مخصصات الأمير من ثمانية ملايين دينار سنوياً إلى خمسين مليون بسبب ارتفاع عدد أفراد الأسرة وجنون الأسعار ونيران التضخم التي اجتاحت العالم.


ويبدو هذا البلد الأشبه بمقبرة كبيرة ليلاً على شفا أزمات تلد أخرى بسبب برلمان مصاب بالهياج المزمن، جاعلاً من مهمة إحراق الوزراء تباعاً هوايته الأولى والأخيرة وفقاً لما يقوله مراقبون خليجيون راقبوا التجربة الديمقراطية من كثب.

في "فليت ستريت" الكويتي، أي شارع صحافتها الكبير في حي "الشويخ"، الكثير من العناوين الصاخبة والحبر المُسال الذي يتحدث عن مجلس الأمة من ناحيتين متضادتين، الأولى أنه أصبح ظاهرة صوتية تسببت في تعطيل الحركة الاقتصادية في الأمارة الغنية بالنفط، والثانية أنه حائط الصد شديد القوة في وجه الفساد.

وهذه الأخيرة لها رنة خاصة في الخليج الذي يشتهر بقصص الفساد المالي على خلفية فوائض النفط ومداخيلها العالية بعد أن تجاوز البرميل الواحد سقف المئة دولار خلال الأشهر الفائتة، رغم أن أكاديمياً كويتياً أبدى خلال حديث مع "إيلاف" شكوكه حول مدى مصداقية هذا الظن الحسن في نواب البرلمان.

يقول الدكتور محمد الرميحي من على كرسي مكتبه حيث يرأس تحرير صحيفة "أوان" الوليدة :" هذا أمر غير حقيقي. إنني أعرف قصص داخلية عن الكثير من أعضاء البرلمان وأغلبهم متورطون في الفساد بشكل أو آخر، بل أن من عجائب الأمور تحولهم إلى مدافعين ضد تطبيق القانون".

وكان هذا الأستاذ الجامعي الشهير يقصد هجوم بعض نواب البرلمان على الحكومة حين أبدت نيتها في إلغاء الدواوين المخالفة التي لا تملك تصاريح بناء. وتم تأجيل قرار الإزالة مما يبعث إشارات متضاربة حول مدى قدرة الحكومة على تنفيذ قرارات أكثر جرأة من إلغاء دواوين اعتدى أصحابها على الأراضي العامة.

وقبل صدور القرار الرسمي بالتأجيل كانت "إيلاف" مع صحافي كويتي شهير لن يحبذ فكرة ذكر أسمه، لكنه يحمل رتبة "عرّاف" قال إن "القرار لن ينفذ".

ويبدو أن تردي خيارات رئاسة الوزراء هي المحرك الرئيس لهذه الأزمة الأمر الذي شجع صحافياً كبيرا في الكويت، وهو جاسم بودي، رئيس تحرير صحيفة الراي، ذائعة الانتشار، على أن يحذر من أن هذا الخلل قد يؤدي في أحد الأيام إلى "فقدان الأسرة الحاكمة لمنصب رئاسة الوزراء".

وتلك قد تكون سابقة خطيرة بحق الأسر الحاكمة في الخليج الأمر الذي سوف يمهد تلقائياً إلى إضعاف قبضتها على السلطة، ومع الوقت قد تصبح أمارات أو ملكيات دستورية على طريقة آل التاج في بريطانيا العظمى.

 ولو حدث مثل هذا السيناريو فإنه من المحتمل أن تنتقل عدوى القيادة السياسية ذات "الأظافر المقلمة" إلى دول الجوار مثل الانتقال السريع لعدوى الثروة والرخاء والاستهلاك والتطرف التي تنتقل دون جوازات سفر بين دول الخليج منذ عقود طويلة.

ولا يزال التيار الديني ناشطاً في الكويت وخصوصاً الشق الطائفي منه كما ظهر جلياً خلال الصراع السني الشيعي بسبب الدعوة إلى تأبين عماد مغنية الناشط في صفوف حزب الله الذي تقول عنه الحكومة بأنه كان ذو دورٍ رئيسي في حادثتي اختطاف طائرة الجابرية و محاولة اغتيال الشيخ الراحل جابر الصباح.

ولدى الكويت، هذه الأمارة الصغيرة المحمية باتفاقيات مع خمس دول عظمى، قائمة طويلة من المشاكل لا يمكن حصرها بسب أنها تتوالد يوماً إثر آخر في ظل وجود "فئة داخلية مولعة بافتعال المشاكل" حسب ما قاله الإعلامي المعروف جاسم بودي في حديث مع "إيلاف" ينشر قريباً.

إلا أن ذلك لا يمنعها من أن تفتح أبواب الأمل في المستقبل. والفاتحون هنا هم شبان جدد من جيل الكومبيوتر المحمول، وتقنية البلوتوث، والآيبود، والبلاك بيري، والآي فون. تقول سارة عيدان وهي تركب سيارتها الرياضية برفقة صديق لها إلى مكانٍ لا نعرفه :" إنني أحلم بكويت أخرى .. كويت المستقبل". عليها أن تدوس أكثر على مفتاح السرعة كي تصل بلادها إلى المستقبل في أسرع وقت ممكن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق