الأكثر زيارة

الجمعة، 31 يناير 2014

شفاه وأصابع... كيف يتحدث ملوك السعودية وأمراؤها؟

لا أحد غير فيصل بن عبد العزيز، الملك الثالث في تاريخ الدولة الثالثة، من كان يجد راحته المطلقة، في الحديث دون الاعتماد على الورق، بلغة عربية سليمة، وقدرة لافتة، لا يشتهر بها السعوديون عادة، في السيطرة على كامل مستمعيه، وإثارة حماسهم.

في ذروة الصراع الناصري، وبينما كان العرب مفتونون بعبد الناصر، ذلك الأسمر الطامح صاحب الأحلام الكبيرة، كانت صورة فيصل على الضفة الأخرى، تجسيدا للجد الوقور، الذي يحب الحديث عن فكرة الأمة الإسلامية، والتسامي عن الصراعات العابرة.


كان الحديث عن الدين، والتنديد بالشيوعية، أفضل موضوعين يحبهما الملك الراحل. وفضلا عن ذلك، فإن نقاشاته المعمقة مع رجال الدين، توحي أن الملك كان يخبئ فقيها، ملماً بكافة التفاصيل، داخل عباءته الهفهافة. إلمامه بالمسائل الدينية جعل نقاشه أحيانا حاداً مع المتشددين منهم.

لا تعتبر فكرة الخطابة الشعبية، ذات أهمية بالنسبة الى السعودية حكومة وشعبا، بل لطالما اشتهرت هذه الملكية الوقورة بعدم حبها للزعامات المايكروفونية، ومن النادر جداً أن تجد سعوديا يتحدث براحة أكبر في محفل عام، أو أمام كاميرا، أو مايكروفون. إنه بلد لا يحب الحديث، ولا الأصوات المزعجة، حتى قال أكثر من مراقب، انها مملكة تعشق تسكّين كل متحرك، لا غير.

وتكشف قراءة في خريطة الكلام النفسي، عن تباين أمزجة المتحدثين الملكيين، وطرق تفكيرهم.

على سبيل المثال كان الملك فهد بن عبد العزيز محباً للإعلام، وكان الإعلاميون أكثر من يحب الملك الحديث أمامهم. يتحدث بالعادة بإسهاب، وكان يميل للكلام في المناسبات غير الرسمية، في مجلسه الخاص، أو على سفرة الطعام، بينما يميل الملك عبد الله إلى الحديث باختصار، وبالعامية مع زواره.

ومن جهة أخرى، لا أحد يمكن أن يتفوق على الأمير سلطان في فن الاحتواء، والحديث الذي يمر على قشور البيض دون أن يكسرها. كان سلطان سياسيا يؤمن بقدرة الزمن على تفتيت الأشياء، والمشاكل. قدرته على الحديث مذهلة، بل لم تنجب الأسرة حتى الآن، من يقدر على ان يجاريه في هذه المَلكة، مع كافة شرائح المجتمع.

وعلى الضفة الأخرى كان الأمير نايف مباشرا وصريحا، من النادر ان يتحدث بطريقة مجاملة، بل كانت صراحته قاسية بعض الأحيان حين يتعلق الأمر بالأمن الوطني، وحدود السيادة، ولا يبالي ان استمر الحديث ساعات، طالما أن الموضوع لم يحسم.

الأمير سلمان بن عبد العزيز يحب التاريخ، وأحاديث التاريخ، وخصوصا قصص الجزيرة العربية، ويساهم صوته الأبوي في انجذاب المستمع.

والأمراء الأحفاد لهم عشرات القصص.

خالد الفيصل  قرر تطليق الورقة نهائيا وأصبح لا يستخدمها الا نادرا، لكن ابن فيصل يتحدث بلغة عربية سليمة يخطب سجعا بحديث يختلط فيه الأدب بالسياسة والتاريخ. أما سعود الفيصل فأهم ما يميز حديثة تلك القفشات الذكية، التي تحمل رسائل سياسية مهمة، وكالعادة يختم بها مؤتمراته الصحافية أو يبدأ بها.


بندر بن سلطان يتحدث مستخدما يديه الاثنتين، يرفع صوته حين يتحمس في الحديث، ويحرك يديه الاثنتين، غالبا ما يضمهما على بسهم البعض أو يقرب بينهما بحيث تلامس أطراف الأصابع، وينظر الى الأعلى زاوية يسرى حين يريد ان يروي حدثا من الذاكرة.

محمد بن نايف يحب الاقتراب كثيرا من محدثه، والحديث بصوت خفيض، ورغم انه يتولى أقوى مؤسسة أمنية في المملكة، الا انه متواضع، ولا يمانع في مناقشة القضايا الحساسة مع الذين يختلف معهم، في مكتبه في وزارة الداخلية، رغم أن مثل هذه الحوارات كادت أن تكلفه حياته، حين حاول انتحاري اغتياله في مجلسه الخاص.

مفاجأة الأسرة كان مشاري بن سعود، فهو يتحدث بصوت جهوري واثق، ولغة عربية ممتازة، وفوق ذلك موهبة اذاعية في طريقة التحكم بالصوت ويعرف وقت التوقف ووقت الانطلاق.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق