الأكثر زيارة

الأربعاء، 13 يوليو 2011

"لندن الظبيانية"... التاكسي وشاي الخامسة وصحف الجمعة !!


   أبو ظبي تحتاج المترو والهايد بارك... وشيكسبير !
 شيئان في الإمارات يمكنهما أن يجعلاك تتذكر أجزاءً من المشهد البريطاني المعتاد، هما شاي الخامسة نهار كل يوم الذي يأتيك ممزوجاً مع الحليب في كوب صغير الحجم، إضافة إلى الصحف الأسبوعية التي تأتيك في يوم الجمعة بحجم ضخم يذكرك بصحف الأحد اللندنية وإن أختلف اليوم المقدس أسبوعياً بين الدولتين.

قلت ذلك لصديقي فقال لي ولا تنسى "الوزار" الذي يلبس تحت الثوب وهو تقليد اسكتلندي والربطة التي تتدلى من عنق الثوب وكأنها الكرافتة !

حالياً لا ينقص أبو ظبي لتكون لندناً جديدة تولد في الخباء الخليجي، الذي يشهد فورة إنمائية، إلا الحصول على مترو أنفاق يسري في أوصالها المترامية وحديقة كبيرة تشابه "الهايد بارك" في خضرتها ووجوها الحسنة وحريتها، ومحاولة إيجاد شكسبير جديد، والأخيرة قد لا تكون بصعوبة ما قبلها إذ إنه من الصعوبة إيجاد منبر حر في العامل العربي يشابه بريطانيا.

(التحدي الحقيقي في رأيي هو "الوجوه الحسنة"، وما أقلها، و"شيكسبير" وما أصعبه رغم ملايين  "شاعر المليون" الذي وصفه أحد أصدقائي بأنه "ستار أكاديمي البدو").

حينما قلت هذه الأمنيات لصديقي الظبياني قال لي أن الأمارة تفكر جدياً في إنشاء هذا المترو لكنها كانت تنتظر ما يمكن أن تفعله دبي للإستفادة من تجربتها. تذكرت فجأة تاكسي لندن فقال لي أنه موجود. وفتشت عنه في الشوارع لكنني لم أجده.

من الصعوبة على مشتري صحف الجمعة في الإمارات، التي تشهد صعودا اقتصاديا سريعاً، أن يتمكنوا من ثني الصحف نظرا لضخامة حجمها بعد أن تكون تحوي وجبة دسمة مليئة بالملاحق والمجلات المساندة التي لا تظهر مع العدد إلا في هذا اليوم من الإسبوع.

وكل هذه الأجواء اللندنية قد تعتبر سلوة وتذكاراً لأيام الشباب لأولئك الذين درسوا في بريطانيا العظمى وعلى رأسهم ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد باني النهضة الحديثة في الأمارة الغنية بالنفط والأحلام بالمستقبل!

·        الأربعاء – 3 مارس
2-  "كوبونات النفط" و"كوبونات الثقافة" في أبو ظبي !

حين وصلت إلى أبو ظبي بعد رحلة لطيفة - رغم أن وداع لندن ليس لطيفاً أبداً - لم أتمكن من النوم. حاولت عدة مرات لكنني لم أستطع. حين نظرت من نافذة غرفتي في الفندق إلى معرض الكتاب الذي لا يبعد عني سوى خطوات قليلة، قلت في نفسي لأستغل الوقت وأذهب فالنوم بعيد المنال.

مشيت وشمس أبو ظبي تمدني بالدفء. حاولت الدخول فراعني عدد الأطفال الذين رأيتهم، إضافة إلى حافلات النقل المدرسي، والأصوات المزعجة. فكرت في العودة مرة أخرى إلى فندقي وليكن ما يكن، لكن نداء غريباًُ شدني ودخلت إلى المعرض. دخلت في غابة كبيرة من الأجيال، والأحلام، والإبتسامات التي كلها أمل في المستقبل.

ولكن لماذا هم هنا؟ لأن محمد بن زايد أمر لهم بأكثر من مليون دولار قيمة كتب يشترونها مجاناً عن طريق كوبونات يحصلون عليها تمكنهم من شراء ما يحتاجون إليه. في دول أخرى تمضي "كوبونات النفط" لسرقة الشعوب، بينما أبو أظبي توزع "كوبونات الثقافة" مجاناً على الصغار ليلحقوا بالمستقبل، وأبو ظبي هي المكان الوحيد في المنطقة الذي يتفرغ تماماً لصناعة مستقبله.

ولم يكن صدفة أن أسمع في نفس اليوم حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي يقول أن علينا أن ننمي في الأطفال حب القراءة منذ الصغر لأن هذه هي العلاقة التي سوف تستمر معهم حتى سنوات الكهولة.

بالفعل لوأنني لم أقرأ قصة "الدجاجة الحمراء" في مكتبة المدرسة الإبتدائية التي درست فيها لما قرأت حتى الآن أي كتاب. أتذكر أن أمين المكتبة جاءني بعدها بأسبوعين وهو يلحظ ذلك الطفل الذي يحاول الوصول إلى أحد الرفوف العالية للحصول على كتاب كبير.  حينما قلبه بين يديه قال لي: "إنه كبير عليك لا يصلح فتش عن كتاب آخر". شعرت بالخيبة وهو يعيد كتابا كان عنوانه "ديوان المتنبي" إلى الرف.

بعدها قرأت المتنبي بعنف، وسكنت أنا وهو سكنى الروح والجسد، ولا اعرف مالذي حدث، هل صغر المتنبي ؟ أم كبرت؟ أم قصر الرف؟

·        الخميس – 4 مارس
3-  خطر يتهدد صحافة الإمارات من "القومجية الفلسطينية" !

بدأت علاقتي مع أبو ظبي منذ خمس سنوات سمان حينما أرسلني أستاذي في المهنة والحياة، ناشر إيلاف، لتغطية إحدى القمم الخليجية. منذ ذلك الوقت نمت علاقتي بها بفضل ثلاثة من أصدقائي الذين فتحوا لي الأبواب وأبواب الأبواب، رغم أن الرياح تمضي بالبعض، وتأتي بالبعض، وعزاءنا أننا نعيش في غابة متشابكة لها القدرة على الحكم والحكمة أحيانا !

أقول أن أكثر ما كان يقلقني على أبو ظبي حينها، والإمارات بشكل عام، هو ندرة المواطنين في المؤسسات الإعلامية رغم أن جريدة "الإتحاد" تحاول قدر الإمكان تطعيم صحيفتها بالوجوه الإماراتية الشابة. هذا يعني أن فكر البلاد سيكون غائباً عن الأماكن التي يجب أن لا يغيب عنها.

وكشفت حرب "حزب الله" الأخيرة التي سببها خطف حزب الله لجنديين إسرائيليين عن "الأقلية الصامتة" من الإعلاميين العرب الذين احتضنتهم أمارة دبي على وجه الخصوص، وظهروا مبالغين في تأييدهم للحزب بشكل فاق مناصريه من "الحزبيين المعتقين" في بيروت وطهران خارجين بذلك عن السرب الرسمي الحكومي للإمارات، الذي كان متسماً مع رؤى عواصم الخليج الأخرى الأربع، باستثناء قطر، حول الأزمة.

أتذكر أنه في أحد حلقات برنامج "قلم رصاص" الذي يقدمه الإعلامي المصري حمدي قنديل ويبثه تلفزيون دبي الذي تموله الحكومة الرسمية للإمارة، قال قنديل أن حسن نصر الله "إمامه وسيده وزعيمه"، وأنه "أشرف من الزعماء العرب جميعهم"، دون أن يستثني قنديل حكام دولة الإمارات التي يعمل فيها، إضافة إلى أن العديد من التقارير الصحافية التي كتبها صحافيون من جنسيات عربية غمزت من قيادات بعض دول الخليج دون تسمية وقتها.

حين قلت لصحافي كبير في أبو ظبي، قصة شكوكي وظنوني قال لي بديبلوماسية :" إن حدث ذلك في الماضي فأتمنى أن لا يحدث في المستقبل".

وبالفعل أتمنى أن لا يحدث ذلك لا في الماضي، ولا في الحاضر، ولا في المستقبل !




هناك تعليقان (2):

  1. جميل دائماً كما هي كتاباتك...لكن أرى أن تكون أبوظبي هي أبوظبي دون أن مشابهتها بأحد فلكل مكان نكهة خاصة به.

    دمت بود

    ردحذف
  2. صحيح سكر. الأماكن تصنعنا، تحيط بنا، تخنقنا بالذكريات. ربما تسمعين بعشاق أصبحوا يكرهون المدن لأنها تذكرهم بحب عابر. المدن كائنات جامدة، لكن قصص الحب، وأغنيات الغرام تحييها من الرماد. شكرا لمرورك المستمر، ولصداقتك الجميلة للمدونة، لك التقدير

    ردحذف