الخميس، 15 مايو 2014

الملكيّة السعودية وتحديات المستقبل: هَمسَاتٌ في أذن أميرٍ هُناك!

في السعودية، لا يمكن أن يحقق المسؤول طموحه العملي، إلا حين يبلغ السبعين من العمر، هذا إذا استطاع الوصول إلى موقع مسؤولية قبل ذلك، أو إذا بقي حيّاً، في أحسن الاحتمالات.

فقدت السعودية عددا من رجالات الأسرة الكبار، الذين خطفهم الموت قبل أن يصلوا إلى موقع الحكم الأعلى، ودون أن يكون لهم شأن في تسيير خارطة الطريق لبلادهم، بينما آخرون، رغم كفاءتهم، أمضوا عشرات السنين كي ينتقلوا من الصف الثاني إلى الأول، ما حرمنا من حركتهم في عز الشباب، وحيويته.


المشكلة في السعودية، أن جيلا يقف على هرم الدولة منذ أربعة عقود، تمكن من إزاحة جيل كامل، وحجب جيل آخر، عن موقع القرار، ثم تحولت القصة إلى تفاوت بين جيلين: جيل يحكُم، وهو أقلية، وجيل يُحَكم وهو أكثرية، وهذا ما جعل هنالك فجوة بين الواقع والطموح.


في هذا الفراغ ضاعت الأصوات بين الجانبين، وبسبب ذلك جفت بحار فكر كثيرة، حتى غدت السعودية، وكأنها مملكة البحيرات الجافة. هذا ينسحب على معظم المؤسسات الحكومية، ويمكن ملاحظة ذلك في المؤسسات الإعلامية أيضا، حتى لاحظ كثيرون أن هنالك حديث بلغتين منفصلتين في المملكة.


لا ننسى أن داخل الأسرة الملكية نفسها، شبان لديهم طموح جارف، لكن مصيرهم مثل مصير غيرهم. وهذا جرس مستقبل له صوت لابد من الالتفات إليه.

الحل هو إعادة تخطيط جديد للدولة، ولكن كيف؟

فصل رئاسة الوزراء عن الملك، تبدو فكرة جيدة، أو على الأقل إنشاء حكومة خدمات، تضم تحت مظلتها كافة وزارات البلاد الخدمية، ويختار لها أحد شباب الأسرة، شرط ألا يمدد له أكثر من دورتين، فيما تظل الوزارات السيادية تحت سلطة الملك، وولي عهده. تخيل معي حكومة يرأسها خالد الفيصل، سلطان بن سلمان، الوليد بن طلال، خالد بن بندر، أو أحد الأمراء المشهورين بإدمانهم للعمل، وأن يكون نائب رئيس الحكومة كفاءة وزارية مثل توفيق الربيعة، أو عادل فقيه، أو غيرهما، ثم نرى كيف سيكون شكل هذه الحكومة، وفعاليتها.

لا نريد تغييرا في الوزارات السيادية، لأن احتكاكها بالمواطن الداخلي تحكمه حدود معروفة وواضحة، لكن الجهات ذات العلاقة الخدمية المباشرة بالمواطن لابد أن تكون شديدة الفعالية، والتواصل الشعبي، والحركة العلنية ذات الشفافية المطلقة.

بعد ذلك لابد من الالتفات إلى الكوادر السعودية صاحبة القيمة العالية، سواء فكريا أو سياسيا، في الخارج والداخل، من الذين يشعرون بأن صوتهم قد ضاع وليس لديهم أمل في التغيير، ومن الآخرين المتحمسين للعمل في الشأن العام لو بالرأي والنصيحة، وبينهم أكاديميون مشهورون، ومثقفون واعون. يمكن ضم هؤلاء في إطار "المجلس الاستشاري الأعلى" الذي يقترح على الدولة خطط المستقبل وطريقة تحركه.



هذا المجلس مثلا لو تم إنشاءه سيجعل هنالك حوارا مفتوحا بين الملكية، والقوى الشعبية المستنيرة، ثم ينتج عن ذلك حوار أفكار لن يكون مضرا أبدا. يمكن أن يلتقي هذا المجلس مع الملك مرتين في السنة، وتكون جلسات الحوار، والتوصيات سريّة.


أما مجلس الشورى فلابد من زيادة عدد أعضاءه، وتعزيز صلاحياته. أعرف أنه لو جرت انتخابات لن ننتخب بجودة معظم الكوادر الموجودة في المجلس حاليا، لكن لا ضرر في انتخاب ثلث أعضاءه، ثم زيادة صلاحياته، ليكون شركا في تنمية البلاد، ومحاربة الفساد، وخصوصا في مجال التنمية، وليبقى الثلثين حارساً ضامنا لسكة الحوار، والحديث.


في البنية الهيكلية لابد من زيادة صلاحيات أمراء المناطق، والأهم هو زيادة عدد المناطق الإدارية من 13 إلى الضعف. بهذه الطريقة يمكن توفير مساحات أقل، لمسؤولية أكبر، يمكن خلالها ضبط سير هذه المناطق، ومن ثم رفع الإداء، وتحسين الرقابة.

الأهم كذلك التشديد على ألا يمدد لأمراء المناطق أكثر من مدتين (ثمان سنوات)، ويمكن تدوير الناجحين منهم على هذه المناطق. المعضلة الرئيسة في المناطق السعودية هو أن أمراءها يمضون جل عمرهم، ومع الوقت يفقدون الحماس والرغبة في العمل. من يصدق أن أمير الحدود الشمالية أمضى نصف قرن؟


تحتاج البلاد بشكل عاجل إلى وزارتين، وزارة للسياحة، ووزارة للشباب. الجانب السياحي لأن المبالغ التي تصرفها السائح السعودي في الخارج مخيفة جدا. لو تم احتواء معظمها لوفرت عائدا مهما، ولأصبح رافدا مهما للاقتصاد الوطني.


يمكن لوزارة السياحة تقسيم البلاد، فهنالك مدن دينية، وهنالك مدن تجارية، وهنالك مدن سياحة للصيف، وهناك مدن سياحة للشتاء، وهناك مدن سياحة بحرية. باستثمارات جيدة، وإدارة جيدة، يمكن للخطة النجاح، وتوفير عشرات الآلاف من الوظائف التي يحتاجها السعوديون.


في الضفة الأخرى يمكن لوزارة الشباب التركيز على مبادرات الشباب وتطويرها، وإنشاء ملتقيات حوار تهتم بالشباب. انشاء قاعات حوار داخل الجامعات، والمؤسسات التعليمية، تكون بعيدة عن الإعلام، لكن تكون متنفسا، ومكان رصد لتوجهاتهم، بعيدا عن تأثيرات الآخرين.


وهنا يمكن أن ننشئ جهازا للاستثمار الداخلي، يتولى صياغة المشاريع الضخمة، سياحية وسكنية، وينشئ عشرات الشركات، لأن العالم لم يعد عالم حدود وخرائط، بل شركات وبنوك.


هذه مجموعة أفكار، بحاجة لحوار حولها، وتطويرها، لتكون مشروع نهضة وطنية. بدلاً من إطلاق فرق الكوماندوز الرجعية، التي هدفها مواجهة وتحطيم كل مشروع نهضة وطنية، بحجة أن أي تغيير في الوطن، قد يهز كيانه.هذه دعايات مضللة لمستفيدين، فوطننا ليس بهذه الهشاشة!


هل نملك القدرة على التغيير؟
نعم نستطيع ذلك، إذا تحالفنا، ومضينا يداً بيد!


هناك 12 تعليقًا:

  1. أقول درجها ورح كمل فسحتك توك غض يافتى

    ردحذف
  2. جميل جدآ بس لو نفتك من تدخل بعض المشايخ

    ردحذف
  3. كلام جميل جدا بس الوطن صار شركة خاصة لعدد محدد ليس لاحد اي دخل فيه

    ردحذف
  4. اذا الله فكنا منك ومن نوعيتك الحاسده ..فالسعوديه بخير وسوف تضل بخير ان شاء الله تعالى...فلسفتك السطحيه المبطنه بالكراهيه ﻷتجدي فالشعب المخلص ﻷ تجهله نوعيتك

    ردحذف
    الردود
    1. والله انك انت واشكالك اللي نحتاج زبنا يفكنا منهم.. المتقوقعين اللي عايشين بكهوف العادات والتقاليد والجهل.. ارتقو ياجهلة القرن الواحد والعشرين

      حذف
    2. ربنا*** خطأ مطبعي اعتذر

      حذف
  5. نعرف علاقتك بالامير الوليد بن طلال وهذه العلاقة ليست عيب من حقك ان تبحث عن مصلحتك الشخصية لكن ليس على حساب الوطن
    كل هذا المقال حشو كلام لإقحام اسم الوليد بن طلال علي انه يستحق منصب بالدولة

    ردحذف
  6. مقالك يعكس في طياته ما يسمى صراع الاجيال ولكنك تخلطه بكذب ونفاق ممجوج فهل يعقل ان تعد خالد الفيصل البالغ 74 سنه من شباب الاسره !! شباب الاسرة الحقيقين هم من لم يتجاوز الاربعين سنه .

    ردحذف
  7. طرحك لﻷفكار التنموية والتطويرية رائعة بشرط أن ﻻتنافي في مضمونهااﻷحكام اﻹسﻻمية .بإسم التطور والتمدن اﻹجتماعي.فلنتذكر إن وطننا موطن الدين اﻹسﻻمي وعلى أساس هذا الدين قامة دولتنا

    ردحذف
  8. كلام ظاهره جميل باطنة تلميع ومسخ جوخ لبعض معارفك من الامراء
    مقالك هذا واللي ذكرته نفس فكر الوليد بن طلال
    جمع القنوات وعطل البرامج عشان يصير مع لها لقاء
    وكانت فكرته الاساسيه ماتتكلم عنه الان
    الوليد بن طلال يبحث عن السلطه بشتى الطرق لو اضطره ذالك
    التنازل عن ثرواته المنهوبه من الشعب

    ردحذف
  9. مقال جيد ومفيد وهادف .. كل من اساء للكاتب يعتبر انسان سلبي وفاشل ، لا ترجي من هؤلاء السلبيين أي شئ فهم يكرهون النجاح للآخرين ولا يقدمون أي شئ مفيد ابدا ، يجيدون الاساءة للآخرين لانهم فاشلين ولا يتحملون نجاح غيرهم ، كان من الأولى ان يستثمر الانسان وقته فيما يفيده او يفيد بلده بدلا من التصيد للآخرين ، يجب علينا آن نتحمل هذه النوعية من البشر ، فهذه سنة الحياة لكل شئ نقيض .

    ردحذف
  10. وجهة نظر ربما يختلف معك الكثير من الاخوان ولكن تستحق ان نضعها بعين الإعتبار أو كما قلت تحتاج الى حوار وتطوير ونعم نحن شعب نملك القدرة على التغييرالى الأفضل بعون الله... أشكرك على هذا المقال أخي سلطان

    ردحذف