الثلاثاء، 16 يوليو 2013

صحافة المغرب... من الكشك إلى الوزير!

نظرة سريعة على أحد أكشاك الصحف في العاصمة المغربية، الرباط، يمكنها أن تعطيك صورة مفصلة عن المشهد المحلي: عشرات من الصحف، والمجلات، والألوان مختلفة، ورائحة الحبر كذلك، ومذاق النقد، وقبل كل شيء، الحرية. نظرة واحدة، واحدة فقط، تمكنك من أن تلتقط صورة جديدة، مختلفة عما وصلت إليه البلاد، ولغة العباد، وطريقة الخطاب.


وساعة واحدة مع مصطفى الخلفي، وزير الاتصال في المغرب، وهو المختص بالإعلام وتفرعاته، تعطيك بقية القصة.

وما بين الكشك والوزير، تكتشف بنفسك، الأمارة بالخير أحيانا، قصة الإعلام، ومستقبله، في مملكة تقرأ، وتنشر، وتبحث عن الحرية.

في المغرب سبع صحف كبرى بالعربية، وغيرها مجرد محاولات صحافية، وأكثر من 200 موقع إخباري، ونحو 24 وكالة أنباء، وعدة قنوات تلفزيونية، يعمل بها المئات، تتمتع نسبة حرية كبيرة، إلى درجة أن كل شيء يقال، بالعربية، والأمازيغية، والمحكية، حتى وإن كان مهما، أو مجرد تسالي، أو مسروقات إليكترونية. المهم الكل يكتب، ويقرأ، ويتحدث، ولا أحد يهتم بأي شيء غير ذلك.

في حديث مع مجموعة صحافية يقول وزير الاتصال أن قانون الصحافة الجديد "منع كل عقوبة سالبة للحرية". يضيف بصوت هادئ:" وزارتنا معنية بحرية التعبير، فنحن نقيس أداءنا في الإعلام بقدر ما لدينا من حرية. ولدينا الآن قانون صحافة جديد يعنى بدعم الحرية وسنراجع كل العقوبات السالبة للحرية".

حسناَ ماذا بعد؟

يمضي الوزير الشاب في حديثه: "مشروع القانون الجديد سيقلص تدخل السلطة التنفيذية ويصبح الدور للقضاء في تقرير هذه المسألة".

وسينص مشروع قانون الإعلام الجديد في المملكة المغربية على احترام التعددية، وضمان حرية الصحافة. "كما ترون هناك مقتضيات دستورية لدعم حرية التعبير" يقول وزير.

وخلال حديث مسائي في قاعة جميلة الذوق، والمذاق، في نادي الضباط، يكمل الوزير حديثه وأحلامه أيضا. كانت أحلامه خضراء بقدر الربيع، وكل ذلك من أجل المهنة.

يقول عن علاقة الدولة بالإعلام:" الاحتكار انتهى الآن... أنتهى احتكار الدولة للإعلام".

وماذا عن الإعلام الإلكتروني؟

يجب: "الإعلام الإلكتروني ألتفتنا إليه الآن وعملنا اجتماع لأكثر لممثلين عن أكثر من 200 صحيفة مغربية إليكترونية، خصوصا وأن نسبة استخدام الإنترنت في المغرب هي الأعلى في إفريقيا، هناك 5 ملايين صفحة مغربية على الفايسبوك".

ويمتد الحديث، عن الإعلام في المغرب، ومنها إلى مغارب الخريطة، ثم عودة إلى الشرق، ومرواح بين الربيع العربي، ونتائجه، وكيف تجنبت المغرب ذلك، وأرست مثالا، لن يحتذى، فما زال أمام الأشقاء أبحر وجبال. وبينما نحن كذلك، تمر كؤوس الشاي المغربي، ذو الرائحة النفاذة، تمتلئ الكؤوس، ثم نعود إلى الحديث.

وقت الشاي المغربي كان فرصة خاطفة، لقراءة القاعة الرقيقة الأنيقة، على غير مبعدة من مطار العيون. تتوسط المكان صورة لأمير المؤمنين، وهو يرتدي زيا عسكريا، ولوحتين أخريين تعكسان ثقافة المدينة: صحراء، واوحة. روح المغرب، وريحانه، طرازا، ومعمارا، وهندسة، تركت آثارها على قاعة نادي الضباط، وفي ما بعد، سأراها، في كافة أركان هذه المدينة، التي كانت جزءا من الصحراء.

يقول الوزير الشاب يجلس على أريكة رملية اللون، ويبدو أن وزارة الإعلام ستكون محطة لا أكثر في قطاره الذي سيعبر بعيدا... بعيدا: "عام 2012 لم يسجن أي صحافي في المغرب، لم تسجل هنالك أي اعتداءات جسيمة، وذلك باعتراف منظمة "مراسلون بلا حدود". التوجه العام هو عدم سجن الصحافيين، ونحن نرفض بأي حال من الأحوال التضييق على الصحافيين".

ويضيف :"نحن انتهجنا سياسة الانفتاح الإعلامي بقوة، ولاحظنا أن لذلك أثرا إيجابيا وأصبح هنالك تركيز على الحدث المغاربي في الإعلام".

وفي مملكة لدى البعض مطامع، ورغبات لإزعاجها، من خلال بوابة الأقليات، تعتبر الحكومة الحالية أن الحل هو حماية التعددية، وزيادة الدعم للإعلام، الذي وصل إلى نحو 120 مليون دولار، تستفيد منه حتى صحف المعارضة.

يقول الوزير عن ذلك: "هناك استيعاب للحوار والنقاش السياسي في البلاد من خلال التلفزيون الحكومي، ومضاعفة حضور " الأمازيغية" و"الحسانية"... لابد أن تدعم الخدمة العمومية التعددية في الإعلام".

ومنذ الأسابيع الأولى التي تولي فيها محمد السادس حكم البلاد، تخففت القيود التي كانت موضوعة على الصحف، وزادت نسبة الحرية، وعاشت الصحف ربيعا مؤقتا، ثم ما لبثت أن مرت العلاقة ببعض المطبات الهوائية، ثم عادت إلى الحد الذي مرت سنوات دون عقوبات بارزة، تطال إعلاميين، أو صحف.

غير أن منظمة "صحفيون بلا حدود تقول" إن هناك بعض القضايا التي لا تستطيع الصحف المغربية تناولها"، وأشارت إلى أن "قضايا مثل الصحراء الغربية ،والملكية، والفساد، مازالت الصحف تتعامل معها بحساسية".


وينظر إلى الملك على أنه "ذو آراء عصرية"، حسب تعبير "BBC"، وهذا ما انعكس على الإعلام، الذي شهد مسارا تصاعديا في الحرية، منذ توليه زمام الحكم 1999، وكان ملف الإعلام من اهم ملفات المشروع الملكي، الذي يستهدف تحديث المغرب، وإشعال حيويته من جديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق