على مدار أربعة اشهر،
عمل الصحافي التلفزيوني محمد العرب، على فيلم وثائقي كان يعرف انه سيكون ضربة العمر،
ومفاجأة اللحظة، كونه يتطرق إلى ملف لطالما كان مخيما على العلاقات الخليجية المصرية
منذ عقود، ألا وهو جماعة الإخوان
والعمل السري، ومحاولتهم "أخونة" الخليج، وتثويره.
كان الملف مغرياً، وبه كل المشهيّات التي
يبحث عنها رفاق الحرف، والحرفة، والغاوون أيضا، وهي الغموض، ورائحة المؤامرة،
ولمسة المخابرات، ولذة العمل تحت الستار؛ وتلك أشياء لها لمسة السحر، وشهوة اللون
الأحمر، في عقول كثيرين.
كيف تحرك؟ من
كان معه؟ وخلفه؟ وبين ظهرانيه؟
ما هو السبب
الذي دفع هذا البدوي المولع بالهجرات، كما قال ابن جنسيته لا جلدته، مظفر النواب، إلى
أن يفتح هذا الملف؟ أكانت فكرة؟ أم وحياً يوحى؟ أم كلاهما؟... أسئلة أكثر كانت
تطير من القاهرة إلى كل مكان، وتعود بدون إجابة، وأحيانا بإجابة ناقصة.
سألته، من ضمن
ما سألت، عن فكرة المشروع، وقصة بدايته، فحدثني عن رحلة إنتاج هذا الفيلم الذي كان
بعنوان "البحث عن مؤامرة" : " كانت الفكرة بالنسبة لي تتعلق بأحداث
البحرين لكنني مع الوقت وكلما تقدمت في العمل انفتحت أمامي ملفات وانكشفت أسرار حتى
قادتني إلى دور جماعة الإخوان وبعض الأكاديميات في أوروبا والعمل على زعزعة دول خليجية".
وفي هذا الفيلم يحكي محمد العرب، الذي يدير
مكتب قناة العربية في البحرين، عن الاستراتيجيات التي أتبعتها جماعات الإخوان،
بدعم قطري من خلف الستار، بغية الإطاحة بالأنظمة الحاكمة في الخليج، وفتح الباب
أمام هيمنة قطرية تبدأ من جزيرة العرب، وتمر على أطراف أصابعها على حزام الزيتون، وقد
لا تتوقف عنده.
ويبقى دور
"أكاديمية التغيير" لغزا أجيب عن نصفه، وبقي النصف الآخر في عهدة
التاريخ، وأجهزة العمل السري، التي لا تعمل في النهار.
غير أن معلومات
متفرقة، سمعتها في القاهرة، أكدت أن الأكاديمية، التي يديرها زوج أبنة
القرضاوي المقيم في قطر، دربت نحو 700 شخص، نصفهم كان من السعودية، وبتعاون مع
رجال دين معروفين فيها، سواء فعلوا ذلك بحسن نية، أو لطموحات سياسية دفينة، ظنوا
أنه قد حان قطافها.
وتقول جهات
عليمة في القاهرة أن الأكاديمية مرتبطة بجهاز استخبارات دولة خليجية، عمل على دعم
الثورة في مصر بعشرات الملايين من الدولارات على مدار خمس سنوات مضت، بهدف الإطاحة
بالرئيس حسني مبارك، وتعزيز دور الإخوان على الساحة السياسية.
و لا توجد أحاديث
مروية بسند صحيح، حتى الآن، عن هذه التهمة، رغم تأكيد الكثيرين لها.
وعلى المقلب
الآخر، يدافع آل الأكاديمية عن أنفسهم قائلين بأنهم يديرون مؤسسة غير ربحية، لا
يتقاضى موظفوها رواتب ثابتة، بل ما تيسر من رسوم الدورات، التي لا تتجاوز 500
دولار للدورة الواحدة، يدفعون بها تكاليف ثلاثة مكاتب في الدوحة وفيينا والقاهرة.
ويقول لي أحد العاملين في الأكاديمية بصوت
هادئ:" الأكاديميات لا تقود الثورات بل فشل الحكومات في التعامل مع الشعوب هو
الذي يقود إليها، وأن موجة الاحتقان كان لا بد من تفريغها منذ سنوات... نحن نعلّم
الناس أنه متى ما تحرك الشارع فإنه لا توجد قوة لإيقافه مهما كان".
ويقول احد طلبة
الأكاديمية الذين تلقوا عدة دورات فيها:" إنها أكاديمية راقية لأنها تعلمنا كيف
نواجه الظلم وغياب العدالة في بلداننا... لم نتعلم أي شيء عن المواجهة المسلحة لكن
تدربنا على كيفية بمواجهة الاستبداد بالطرق السلمية".
ويضيف قائلاً
:" لا وجود للعنف في مناهج الأكاديمية بل فقط تنظيم التجمعات والعصيان المدني
لا أكثر".
وواجه محمد العرب بعد عرض الفيلم حملة
معادية يقودها طلبة الأكاديمية المتخوفون من ظهور أسماءهم، وخصوصا طلبة من
السعودية والبحرين.
وحين قلت له: "هل ستتوقف بعد هذه
الحملات؟" أجابني بنظرة كالسهم:" الباحثون عن الحقيقة لا يتوقفون حتى
يصلون إليها".
ويضيف:" عملت تحت طلقات المدافع، وتحت
أزيز الرصاص، وغطيت عشرات الأحداث الملتهبة، ولم أشعر بالخوف، هل تعتقد أنني سأخشى
خفافيش الظلام الإلكترونية؟".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق