قبل سنوات كان الاعتقاد السائد لدى المراقبين
أن الكويت لا تستطيع القيام بأي دور خارجي، بسبب الأزمات الداخلية التي تشهدها
البلاد منذ عام 2009. فقد تسبب الصراع بين الحكومة والبرلمان في تغيير سبع حكومات،
وعدد كبير من الوزراء. هذا ما جعل البعض يعتقد أن الكويت ستظل في هذه الدوامة لعدة
سنوات مقبلة.
إلا أن "مؤتمر المانحين الدوليين لسوريا" الذي عقد في الكويت
مؤخراً، غيّر هذه الفكرة تماماً. كان المؤتمر واحداً من اللحظات التي أكدت فيها الكويت
قوة تواجدها على الساحة الدولية. نظمت الكويت عدة لقاءات عربية وخليجية، خلال
الأشهر الفائتة، وجاء هذا المؤتمر ليثبت للمتشككين أن الكويت يمكن أن تستعيد دورها
متى ما أرادت.
من خلال هذا
التواجد القوي دوليا تستطيع الكويت أن تبعد الأنظار عن أي أزمة داخلية مقبلة.
ويعتقد كثيرون أن المعارضة الكويتية ستظل مزعجة للحكومة خلال الأشهر المقبلة،
لكنها لن تكون ذات قوة لتعطل عمل الحكومة. لقد سأم الكويتيون من هذا الصراع بين
البرلمان والحكومة، ويريدون الاهتمام بمشاريع التنمية.
خلال لقاءات لي
مع عدد من الشخصيات الكويتية المؤثرة سمعت كثيراً عن إحباط الكويتيين بسبب معارك
البرلمان مع الحكومة. يعتقد الكويتيون أن هذا الصراع تسبب في أن تتأخر الكويت عن
جيرانها الخليجيين، بعد أن كانت تقودهم خلال الستينات والسبعينات.
رغم ذلك يؤمن
الكثير من الناشطين السياسيين، والمسؤولين الكبار هنا بضرورة الديمقراطية، وأنها
الخيار الأول لهم. وقد تحدثت مع ثلاثة على الأقل من أفراد الأسرة الحاكمة الذين
أكدوا لي أنه لا خيار آخر غير الحرية والديمقراطية مهما كانت النتائج. "لا
يمكن أن يوجد وطن دون حريّة او ديمقراطية" هذا ما أكده لي رئيس الوزراء
السابق الشيخ ناصر المحمد.
ووضع أمير
الكويت الشيخ صباح الصباح حداً للأزمة السياسية داخل الكويت، بعد أن تدخل بقوّة كي
يشارك المعارضون في الانتخابات الأخيرة في مجلس الأمة. قرر الأمير التدخل بنفسه
بعد أن فشل الآخرون من أعضاء الحكومة في التوصل إلى حل جذري. وفي اجتماع في لندن،
وبّخ الشيخ صباح عدداً من أفراد الأسرة الحاكمة في جلسة خاصة، بسبب عدم قدرتهم
السيطرة على الوضع في البلاد.
فور عودته إلى
الكويت قاد الشيخ صباح مباحثات داخلية مع القوى السياسية، وشيوخ القبائل، ليثنيهم
عن معارضة المجلس المقبل. قال الشيخ صباح في مباحثاته الخاصة مع المعارضة أن حل
المشكلة ممكن من خلال المشاركة في مجلس الأمة، بدلاً من معارضته. وقد نجح هذا
الأمر بفضل مصداقية هذا الأمير المحنّك وخبرته السياسية الطويلة.
بعد انتهاء
الأزمة السياسية الخانقة بفضل جهود الشيخ صباح وحده، وجدت الكويت الطريق أمامها
سالكة للعودة إلى مشاريع التنمية، والتحرك بنشاط لافت على الساحة الدولية.
تتمتع الكويت
بعلاقات طيبة مع معظم جيرانها، ولديها مصداقية للقيام بدور سياسي أكبر في محيطها
الإقليمي، والعالم. وقد أدى غيابها خلال السنوات الفائتة إلى صعود دور قطر المزعج.
الدور القطري كان مثيراً لحنق دول الخليج بسبب تدخلاتها في الشؤون الداخلية لهذه
الدول. لذلك فإن كثيراً من الدول لديها المصلحة في تواجد كويتي أكبر.
النشاط الدبلوماسي
الكويتي في الخليج كبير جداً، فقد قادت عدة مصالحات ناجحة بين عدة دول خليجية. لكن
يُخشى عليها من أن تقع فريسة أصدقاءها المخادعين في الدوحة وطهران، الذين قد
يحاولون الزج بها في صراعاتهم المقبلة في المنطقة. وقد حاولت الكويت التوسط أخيرا
بين الرياض والدوحة، لكن الخلاف يبدو أكبر من أي حل متوقع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق